كلمــة سمـو الشيـخ حمـدان بــن محمـد بــن راشــد آل مكتـوم فـــي انطــلاقــة بطــولات "فــزاع" 2008
الموروث الشعبي هو قاموس ثقافة المجتمع الحي، الذي نهل منه مقومات و دعامات وجوده و دوافع استمراريته، يث يشعل في نفوس أبنائه محركات العمل، ويوقظ فيهم مدركات التوجه المستقبلي الصحيح، فلا غنى لأي أمة عن تراثها، فهو خلاصة التجربة التي عاشها الأجداد ، وأفرغوا فيها ذكرياتهم و يومياتهم وتجاربهم، وعاشوا دقائقه عملاً و كفاحا ً. فالموروث التراثي بما يحويه من عادات و تقاليد و ثقافة وتجربة فكرية و إبداعيه اختزنتها بطون الأيام، يعد المعين الذي لا ينضب، والكفيل الذي يجسد أصالة هوية الحاضر ووسام نجاحات المستقبل.
وتعد ثقافات الأمم أهم المعايير التي تقاس بها أدوارها في مضمار التقدم والحضارة و التأثير في العالم، فبقدر ما لهذه الثقافات من أصالة و حيوية و انتشار وقدرة على مسايرة روح العصر و التعبير عن تاريخ الشعوب و حضارتها، يكون لأصحاب هذا الموروث مكانة عالية ودور عظيم في مضمار التنمية و التقدم الحضاري بشتى نواحيه، وبقدر اهتمامها بتاريخها وحرصها كل الحرص على تطويره ونشره خارج نطاق حياة ممارسيه، من أجل تعريف الآخرين به، وتوثيقه، والحفاظ عليه بفكر وجهد، تتسع دائرة حركته الثقافية و الاقتصادية و السياسية و سهولة دمجه في الحراك الثقافي العالمي العام.
ولا تزال الأجيال المتعاقبة على خطى الصواب ما دامت مفتخرة بتراثها، وراعية له حق رعايته، وتوشك أن تفقد حاضرها، وتدمر مستقبلها، إذا ما انسلخت عن تراثها وتنكّرت له واليوم نحن في زمن بدا فيه الحراك الثقافي العربي يأخذ دوره الفعال مرة أخرى على الصعيد العالمي، ومن ثم بدأ تراثه العريق يأخذ دوره الفعال أيضا في تفعيل تقدمه وحضارته وتنمية أوجه الحياة كافة، ليصبح نواة للتفاهم والتأثير والتأثر في الآخر في ميادين الفكر المتجدد والمتطور، فيجب ألا نغفل الجانب الفكري الذي يحمله التراث في طياته من صفات بطولية فريدة، حيث ترتبط بجميع ممارساته و أنشطته وعاداته و تقاليده ارتباطاً وثيقاً، تاريخاً و اعتقاداً وأدباً، وهذا ما نتطلع إلى تحقيقه في بطولاتنا المقبلة في موسمها السابع، حيث يتم من خلالها نشر فكر، وثقافة، وحضارة التراث للجيل الجديد، وخير سبيل إلى ذلك هو تعليم الجيل الجديد تراث و بطولات الآباء، وتعريف مختلف الأمم المعاصرة به، وتشجيع فئة الشباب على الانخراط فيه، لأنه ثقافة حياة باقية مستمرة ما بقي الإنسان العربي، والحقيقة التي لابد من الوقوف أمامها باهتمام هي أن تراثنا الذي نفخر ونعتز به هو جوهر هويتنا الوطنية، وهو رأسمالها الحقيقي الذي لا تقدم إلا به، ولا فكاك بينهما، كما أنه لا غنى لأحدهما عن الآخر. فالهوية الوطنية علامة الحاضر العزيز علينا.
والتراث تاج الماضي على الرؤوس، فلا حاضر ولا مستقبل لمن لا ماضي له، ولا يمكن تخيل أي مقوم من مقومات هويتنا الوطنية في معزل عن تراثنا التليد الذي يحمل ثقافتنا و عاداتنا وذكريات آبائنا و تجارب حياتهم الحافلة بالعمل و البناء، وهو هوية وطنية خاصة لابد من الافتخار بها، لأنها تجسد تمسكنا بماضينا، وارتباطنا بتاريخنا، و تعزز انتمائنا إلى وطننا المعطاء.
حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم